ست ليالٍ مع ريح الحب
(من النفس إلى الوجود)
- من النفس.
أحبُكِ حُباً كبيراً .. أنتمى إليكِ .. أكِنّ لكِ من المشاعر ما يجعلنى شديدَ الحساسيةِ تجاه كل مَن تُسَوِّل له نفسه المساسَ بحريتِك.. بعاطفيتِك.. بروحِك الخلابةِ المتدفقةِ بالرقة.
و لكن غرورى بك يقودنى الآن لطريقٍ مَسْدود ..
لقد بات حبى العميقُ لكِ هو الحب الوحيد فى حياتى .. فزاد من خوفى على مثاليتِك .. فلا أواجه حُباً آخر إلا و أُحْجِم.
أفكر كثيراً و يا ليتك تَبوحين بما تَعْلَمين !
بلى , فقد أحببتِ هذا الدورَ الذى ظَلَلْتِ تلعبينه منذ بدايتى ؛ حتى أصبح صعباً عليك الآن تغيير الوضع القائم .
أصبحت تتملكيننى فلا أفكر فى مستقبل غيرك.
دائماً أعمل على تدعيمك .. إزادتك..
لكن كفانى ذاتية .. و كفاكِ أنانية .
اتركينى أو دعينى أتركك .. كفاكِ خوفاً ، و كفانى ارتباطاً بهذا الخوف.
اعلمى أنك بداخلى و أننى لن أتركك.
لن أحب أحداً مثلما أحببتك.. لن أتفانى فى تعضيض أحد مثلما تفانيت معك.. طوال عمرى الفائت.
فلتحررى مشاعرى حبيستك..
فإنى أريد حبيبة تشاركنى الحياة.. !
- إلى الوجود
( البحث عن الحبيبة ، و التخلص من سيطرة النفس و استحواذها على كل مشاعر الحب. )
الليلة الأولى
(بعد اللقاء الأول ، التعارف )
تذهلنى هذه الجاذبية التى تشدنى إلى الأحداث التى تضم تلك الفتاة فى ذاكرتها , أسترجعها و كأنها حلم يقظة أرجوه ألا ينتهى !
لكن ؛ إلى متى أقنع بالأحلام ؟
أأنا قادر على خرق الحلم لتحقيق وجود فى الواقع؟
أأجرؤ على التصريح؟
أأجرؤ على مخاطرةِ أن أُرفَض؟
أيحتاج الموضوع لتخطيط ، أم لإله الحب؟
ما الحنكة فى هذه الأمور؟ أأن تترك المشاعر تنساب متدفقةً دون أن تفسد اللحظة بتدخل الأفكار العقلانية التى لا ترغب سوى فى الحفاظ على المزيد من المثالية ؛ رغم أنه لا إنسانية بلا أخطاء ؛ و لا وجود للحب من دون صفة الإنسانية ؟!
يا غدى ! تعال و أسرع .
فلتسعدنى أيها الحظ !
الليلة الثانية
( بعد اللقاء الثانى , محاولة الاتصال ، أول اكتشاف للحب – للرغبة فى العلاقة - )
لكن تلك المرَّة - و دونما أسباب واضحة - بَدَت و كأنها ترغب فى أن تصُّبَ علىّ غضبَها من العالمِ كلِّه ؛ و كأنها تتهرّب من هذا اللقاءِ البسيط المتدفِّق بالسعادة – لقاءِ أعيننا - .
ربما عيناى العجوزان هما السبب.
ربما أرادت هى أن تبلِّغَنى أمراً : كأن لا مدى لنظراتنا معاً.
ربما حِدَّتى ، و قلقى البادى ، و غرورى الظاهرى ، و فوضاى الداخلية ، و خبراتى المتضاربة ، و فقدانى الأمان.
ربما اختلطت جميع تناغماتى الإنسانية بطاقة ضعيفة فى نفسِها , فأجبرتها على التسَلَحِ ضِدِّى بالغضب لدفعِ عمقِ تناقضى و تحجيمِ جموح النظرِ لمستقبلٍ مجهولٍ أجَسِّدُه.
عَجَزَ حُنُوِّى و عجزت عاطفيتى عن الظهورِ من بين كافةِ متناقضاتى التى تحتل النصيبَ الأكبرَ فى حَدَقَتَىَّ.
الليلة الثالثة
( بعد اللقاء الثالث ، دلائل جديدة. )
لم تضغط على يدىَّ بما يكفى و أنا أحييها.
لم تضغط كفايةً لتجعلنى أتذكر تفاصيل مشاعرها التى حملها إلىّ السلام باليد.
مقصودٌ هذا الفعل , فالمرء يعلم إذا ما كان من أمامه يعقل الأمور أم يحسها..
هى تعقل الأمور , تناور من آنٍ لآخر ببعض النظرات المترقبة .
و لكنها أرادت ألا تظهر الاهتمام الكافى.
لم تضم يدى جيداً ، و لم تقايض عينىَّ بما يكفى من نظرات ؛ لأذكرها طيلة ليلى.
اكتفت أن تعطينى علامة كالسراب !
و كأنها تقول :" عندى الماء .. عندى المشاعر , أنا الحياة لك. "
و لكننى لم أنعم بذاك الكون .
ظل غموضه البادى يؤرقنى , و كأننى مذنب.
أنا المذنب إلى أن أجد مبرراَ يريح اضطرابى لأرضى.
لكننى هذه الليلة لست راضياً , و ارتدت مشاعرى بعنف إلى حيث شِدَّة الإحجام.
لن أنتظر صباحاً جديداً نتبادل فيه الشموس ؛ إذ لم تكن المقايضة كما كنت أرجو.
و ربما كنت أنا أيضاً سبباً , ربما لم أقايض بما يستحق.
و لكننى لم أبادر...
بل بادرت ! لم أبتسم و هذه مبادرة.
نعم أنا السبب ؛ أنا المذنب!
فلأنتظر .. !
الليلة الرابعة
( حيرة و انتظار )
علمت أن يدها أكثر ثقةً و قوةً كما كنت أرجو ,
كانت ضمَّة يدِها ليدى بما يكفينى.
يكفى أن أعلم أن يدها ليست رخوة , رديئة التواصل بل هى قادرة عليه.
لكن بقدرِ ما أراحتنى الضمةُ الجديدة ، حيرتنى .
أبدا منى ما يَجِدّ ؟!
أم أن صراعَها داخليٌ لا دخل فيه لإصدارات طاقتى الداخلية الظاهرة فى عينىّ والمحسوسة من قوة قبضة يدىّ.
لم أجد إجابة , و كفانى تماماً أن أعلم أن يدها كابتسامتها .. مرحبة !
الليلة الخامسة
( تحديد الموقف )
الموعد النهائى لا يمكن أن يكونَ نهائياً أبداً.
أفكر فيكِ الآنَ ؛ لكن أيستمر التفكيرُ إلى الغد ؟
أتستمر المتعةُ ؟
أيعقل أن أتوسع فى التخاطب و أنا لست واثقاً ؟
لن يكون اليوم هو الميعاد ..
و لا أظنه سيجىء غداً ..
و ربما لن يأتى أبداً !!
و لكننى أنتظره !
أم أرجوه؟
سؤالٌ يُسائِلُ الصدقَ الذى يَتَخَبَّى وراء المثاليةِ التى ترفض أن تَشوبَها شائبة.
لن أنتظرَ الميعاد ، فليأت أو لا يأتى ..
فلأستمر فى ركضى وراء حقيقتى المثالية ، و مستقبلى المثالى ، و حبيبتى المثلى ،
و لن أنتظرَ الميعاد ، فلن يجىء قبل ميعادِه.
لا شك أنه أيضاً ينتظرنى ، فلن أنتظره .
سأركُض.
فإلى الحقيقة ، و إلى السعادة ....
لليلة السادسة
( الخلاص من التجربة )
تَحَدَّدت إِقامَتُكِ .. أيتها الفتاة.
لن تَبْرَحى - بَعْدَ اللَحْظَةِ تِلْك - هذا الواقِعَ المَحدود , الضَئيل .
لن يَحْمِلَكِ خَيالى المُحِبُ إلى عَالَمِهِ المَحْموم بالمشاعر ، لن يَخْطِبك ودِّى.
ستَظلّينَ حُلْماً لَم يكتملْ، سَتَظَلِّينَ رغْبةً مُحْبَطَة ، وَ لَنْ تَحْمِلَ ذاكرَتى - بعدَ الآنَ - غير القَليل مِن مُتَعَلِقَاتِك .
ستَسْجِنُكِ تِلْك الأحْداثُ الضَيِّقَة ، و أنا سأَخْترقُ المَدَى بَحْثاً مع ريحِ الحُبِ عن ذاتٍ حُرَّة ، تَمْنَحنى السعادة لأبْذلَ كُلَّ ما فىَّ من عطاءٍ .
أنا مُؤَهل تَمَاماً لهذا العطاء ، لا أُسائِلُ نفْسى عن شَىءٍ مِما تَبْذل ، فهى تَعْلم أن ما يُبْذَل فى قَلْبِ روحِ العالم حيث تَحْتَلُّ الفضاء ريحُ الحُبِ الساحرةُ ، ما يُبْذَلُ ليسَ ضَائِعاً ، مَهْما حَبَسَتْهُ أماكنُ ضيقة ، و مهما قَيَّدَتْهُ أفكارٌ ساذجة ، أو مشاعرٌ غير مُكْتَمِلَة .
أَعْلَمُ أنَ تاريخىَ سيَعْبُرُك, فأمامهُ الكَثِيرُ لِيُخَطُّ فِى صفحاتِه ذاتِ الأَلوانِ القويَّة المُشِعَّةِ.
سأعلمُ يَوماً مَاذا أصَابَك لِتَبْتَعِدِى.
سأعلمُ أنَ لِى يَدَاً فِى بُعْدِكِ ، أنا مُذْنِبٌ كما أَذْنَبْتِ أَنْتِ.
أَرْهَقَكِ تَفْكِيرى ، و اسْتَنْفَدْتِنى حَيْرَةً .
سأبيعُك إلى الكونِ ،
و بثمن بخس.
لا أرغب فى مُقَايَضة ،
و لا يعنينى الكَسْب ؛ فلم أخسر سوى ساعات عِشْتُها فى شوق ,
لم أخسر سوى ستِ ليالٍ حَييتها مع ريحِ الحبِ الساحرِ.
و لكن هذا كثير, فهو كافٍ ليؤرِّقَ ساعاتى إلى مدىً غيرَ قريب.
و لكننى لم أخسر عمرىَ الآتى ..
عمرى الآتى يملأه الحب,
و قدرى الجميلُ ينتظرنى بابتسامةِ لعينين ذكيتين تُعَمِّران الأرضَ بصفاءِ السعادةِ ، و ثورةِ التمرد ،ِ و الجِدَّة ، و الجنون !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق