28‏/10‏/2008

ست ليال مع ريح الحب


ست ليالٍ مع ريح الحب

(من النفس إلى الوجود)


- من النفس.

أحبُكِ حُباً كبيراً .. أنتمى إليكِ .. أكِنّ لكِ من المشاعر ما يجعلنى شديدَ الحساسيةِ تجاه كل مَن تُسَوِّل له نفسه المساسَ بحريتِك.. بعاطفيتِك.. بروحِك الخلابةِ المتدفقةِ بالرقة.

و لكن غرورى بك يقودنى الآن لطريقٍ مَسْدود ..

لقد بات حبى العميقُ لكِ هو الحب الوحيد فى حياتى .. فزاد من خوفى على مثاليتِك .. فلا أواجه حُباً آخر إلا و أُحْجِم.

أفكر كثيراً و يا ليتك تَبوحين بما تَعْلَمين !

بلى , فقد أحببتِ هذا الدورَ الذى ظَلَلْتِ تلعبينه منذ بدايتى ؛ حتى أصبح صعباً عليك الآن تغيير الوضع القائم .

أصبحت تتملكيننى فلا أفكر فى مستقبل غيرك.

دائماً أعمل على تدعيمك .. إزادتك..

لكن كفانى ذاتية .. و كفاكِ أنانية .

اتركينى أو دعينى أتركك .. كفاكِ خوفاً ، و كفانى ارتباطاً بهذا الخوف.

اعلمى أنك بداخلى و أننى لن أتركك.

لن أحب أحداً مثلما أحببتك.. لن أتفانى فى تعضيض أحد مثلما تفانيت معك.. طوال عمرى الفائت.

فلتحررى مشاعرى حبيستك..

فإنى أريد حبيبة تشاركنى الحياة.. !


- إلى الوجود

( البحث عن الحبيبة ، و التخلص من سيطرة النفس و استحواذها على كل مشاعر الحب. )

الليلة الأولى

(بعد اللقاء الأول ، التعارف )


تذهلنى هذه الجاذبية التى تشدنى إلى الأحداث التى تضم تلك الفتاة فى ذاكرتها , أسترجعها و كأنها حلم يقظة أرجوه ألا ينتهى !

لكن ؛ إلى متى أقنع بالأحلام ؟

أأنا قادر على خرق الحلم لتحقيق وجود فى الواقع؟

أأجرؤ على التصريح؟

أأجرؤ على مخاطرةِ أن أُرفَض؟

أيحتاج الموضوع لتخطيط ، أم لإله الحب؟

ما الحنكة فى هذه الأمور؟ أأن تترك المشاعر تنساب متدفقةً دون أن تفسد اللحظة بتدخل الأفكار العقلانية التى لا ترغب سوى فى الحفاظ على المزيد من المثالية ؛ رغم أنه لا إنسانية بلا أخطاء ؛ و لا وجود للحب من دون صفة الإنسانية ؟!

يا غدى ! تعال و أسرع .

فلتسعدنى أيها الحظ !


الليلة الثانية

( بعد اللقاء الثانى , محاولة الاتصال ، أول اكتشاف للحب – للرغبة فى العلاقة - )

نهرتنى بنظرة ضَجِرَة ، و حوَّلت عنى عينيها اللتين كانتا – مرحبتين - تتوجَّهَان إلىّ بطاقةٍ حانية رقيقة لتعلِّمانى السعادةَ فى يومى و الشَّوقَ للِّقاء.

لكن تلك المرَّة - و دونما أسباب واضحة - بَدَت و كأنها ترغب فى أن تصُّبَ علىّ غضبَها من العالمِ كلِّه ؛ و كأنها تتهرّب من هذا اللقاءِ البسيط المتدفِّق بالسعادة – لقاءِ أعيننا - .
ربما عيناى العجوزان هما السبب.

ربما أرادت هى أن تبلِّغَنى أمراً : كأن لا مدى لنظراتنا معاً.

ربما حِدَّتى ، و قلقى البادى ، و غرورى الظاهرى ، و فوضاى الداخلية ، و خبراتى المتضاربة ، و فقدانى الأمان.

ربما اختلطت جميع تناغماتى الإنسانية بطاقة ضعيفة فى نفسِها , فأجبرتها على التسَلَحِ ضِدِّى بالغضب لدفعِ عمقِ تناقضى و تحجيمِ جموح النظرِ لمستقبلٍ مجهولٍ أجَسِّدُه.

عَجَزَ حُنُوِّى و عجزت عاطفيتى عن الظهورِ من بين كافةِ متناقضاتى التى تحتل النصيبَ الأكبرَ فى حَدَقَتَىَّ.


الليلة الثالثة

( بعد اللقاء الثالث ، دلائل جديدة. )


لم تضغط على يدىَّ بما يكفى و أنا أحييها.

لم تضغط كفايةً لتجعلنى أتذكر تفاصيل مشاعرها التى حملها إلىّ السلام باليد.

مقصودٌ هذا الفعل , فالمرء يعلم إذا ما كان من أمامه يعقل الأمور أم يحسها..

هى تعقل الأمور , تناور من آنٍ لآخر ببعض النظرات المترقبة .

و لكنها أرادت ألا تظهر الاهتمام الكافى.

لم تضم يدى جيداً ، و لم تقايض عينىَّ بما يكفى من نظرات ؛ لأذكرها طيلة ليلى.

اكتفت أن تعطينى علامة كالسراب !

و كأنها تقول :" عندى الماء .. عندى المشاعر , أنا الحياة لك. "

و لكننى لم أنعم بذاك الكون .

ظل غموضه البادى يؤرقنى , و كأننى مذنب.

أنا المذنب إلى أن أجد مبرراَ يريح اضطرابى لأرضى.

لكننى هذه الليلة لست راضياً , و ارتدت مشاعرى بعنف إلى حيث شِدَّة الإحجام.

لن أنتظر صباحاً جديداً نتبادل فيه الشموس ؛ إذ لم تكن المقايضة كما كنت أرجو.

و ربما كنت أنا أيضاً سبباً , ربما لم أقايض بما يستحق.

و لكننى لم أبادر...

بل بادرت ! لم أبتسم و هذه مبادرة.

نعم أنا السبب ؛ أنا المذنب!

فلأنتظر .. !



الليلة الرابعة

( حيرة و انتظار )

انتظرت و بعد ..

علمت أن يدها أكثر ثقةً و قوةً كما كنت أرجو ,

كانت ضمَّة يدِها ليدى بما يكفينى.

يكفى أن أعلم أن يدها ليست رخوة , رديئة التواصل بل هى قادرة عليه.

لكن بقدرِ ما أراحتنى الضمةُ الجديدة ، حيرتنى .

أبدا منى ما يَجِدّ ؟!

أم أن صراعَها داخليٌ لا دخل فيه لإصدارات طاقتى الداخلية الظاهرة فى عينىّ والمحسوسة من قوة قبضة يدىّ.

لم أجد إجابة , و كفانى تماماً أن أعلم أن يدها كابتسامتها .. مرحبة !


الليلة الخامسة

( تحديد الموقف )


الموعد النهائى لا يمكن أن يكونَ نهائياً أبداً.

أفكر فيكِ الآنَ ؛ لكن أيستمر التفكيرُ إلى الغد ؟

أتستمر المتعةُ ؟

أيعقل أن أتوسع فى التخاطب و أنا لست واثقاً ؟

لن يكون اليوم هو الميعاد ..

و لا أظنه سيجىء غداً ..

و ربما لن يأتى أبداً !!

و لكننى أنتظره !

أم أرجوه؟

سؤالٌ يُسائِلُ الصدقَ الذى يَتَخَبَّى وراء المثاليةِ التى ترفض أن تَشوبَها شائبة.

لن أنتظرَ الميعاد ، فليأت أو لا يأتى ..

فلأستمر فى ركضى وراء حقيقتى المثالية ، و مستقبلى المثالى ، و حبيبتى المثلى ،

و لن أنتظرَ الميعاد ، فلن يجىء قبل ميعادِه.

لا شك أنه أيضاً ينتظرنى ، فلن أنتظره .

سأركُض.

فإلى الحقيقة ، و إلى السعادة ....


لليلة السادسة

( الخلاص من التجربة )


تَحَدَّدت إِقامَتُكِ .. أيتها الفتاة.

لن تَبْرَحى - بَعْدَ اللَحْظَةِ تِلْك - هذا الواقِعَ المَحدود , الضَئيل .

لن يَحْمِلَكِ خَيالى المُحِبُ إلى عَالَمِهِ المَحْموم بالمشاعر ، لن يَخْطِبك ودِّى.

ستَظلّينَ حُلْماً لَم يكتملْ، سَتَظَلِّينَ رغْبةً مُحْبَطَة ، وَ لَنْ تَحْمِلَ ذاكرَتى - بعدَ الآنَ - غير القَليل مِن مُتَعَلِقَاتِك .

ستَسْجِنُكِ تِلْك الأحْداثُ الضَيِّقَة ، و أنا سأَخْترقُ المَدَى بَحْثاً مع ريحِ الحُبِ عن ذاتٍ حُرَّة ، تَمْنَحنى السعادة لأبْذلَ كُلَّ ما فىَّ من عطاءٍ .

أنا مُؤَهل تَمَاماً لهذا العطاء ، لا أُسائِلُ نفْسى عن شَىءٍ مِما تَبْذل ، فهى تَعْلم أن ما يُبْذَل فى قَلْبِ روحِ العالم حيث تَحْتَلُّ الفضاء ريحُ الحُبِ الساحرةُ ، ما يُبْذَلُ ليسَ ضَائِعاً ، مَهْما حَبَسَتْهُ أماكنُ ضيقة ، و مهما قَيَّدَتْهُ أفكارٌ ساذجة ، أو مشاعرٌ غير مُكْتَمِلَة .

أَعْلَمُ أنَ تاريخىَ سيَعْبُرُك, فأمامهُ الكَثِيرُ لِيُخَطُّ فِى صفحاتِه ذاتِ الأَلوانِ القويَّة المُشِعَّةِ.

سأعلمُ يَوماً مَاذا أصَابَك لِتَبْتَعِدِى.

سأعلمُ أنَ لِى يَدَاً فِى بُعْدِكِ ، أنا مُذْنِبٌ كما أَذْنَبْتِ أَنْتِ.

أَرْهَقَكِ تَفْكِيرى ، و اسْتَنْفَدْتِنى حَيْرَةً .

سأبيعُك إلى الكونِ ،

و بثمن بخس.

لا أرغب فى مُقَايَضة ،

و لا يعنينى الكَسْب ؛ فلم أخسر سوى ساعات عِشْتُها فى شوق ,

لم أخسر سوى ستِ ليالٍ حَييتها مع ريحِ الحبِ الساحرِ.

و لكن هذا كثير, فهو كافٍ ليؤرِّقَ ساعاتى إلى مدىً غيرَ قريب.

و لكننى لم أخسر عمرىَ الآتى ..

عمرى الآتى يملأه الحب,

و قدرى الجميلُ ينتظرنى بابتسامةِ لعينين ذكيتين تُعَمِّران الأرضَ بصفاءِ السعادةِ ، و ثورةِ التمرد ،ِ و الجِدَّة ، و الجنون !


سلام يسري

3-2005

ليست هناك تعليقات: